عن قُرب، الجامعية

tumblr_n751shgICz1sgf0uto1_500

البدايات الغير مدروسة في معظم الأحيان تقودنا لمنعطفٍ حاد يدفعنا لأن نتخذ قراراً حاسماً حول ما نفعله، المرحلة الجامعية بكل جوانبها وأيامها كانت كفيلة لأن تعطيني أعظم درس في حياتي.

 المرحلة الجامعية كانت نقلة عظيمة في شخصيتي وطباعي، أدركتُ آخر مطافها ماذا يعني أن تجني نفسك بنفسك.

من يتذكر جواهر قبل خمس سنواتٍ تحديداً؟؟ يوم كنتُ فارغة من كلِ الأحلام إلا الكتابة، يوم كُنت أنقّب عن نفسي داخل أحشائي وأتسكّع الليالِ الطوال دون وجهة مُحددة، يوم كُنت أقف على رقعة مَكسورة وتدمي قدميّ دون مبالاة، يوم كنت كثيراً ما استطرد الأفعال بمخيلتي وأحكم! هذا جيد وذاك سيء.. وأتفاجأُ مع الصباح أني أنقاد مع رأي الآخرين لا على قناعتي وإيماني.
من يتذكرتني في تلك المدة يدرك كم هي الحياة غير قابلة للوسطية، فإما أن تكون أنتَ كما تُحب وتكون أو أنك ستكون هامشياً (تماماً كالنقطة التي يرسمها الأطفال حول إطار الصفحة بألوانهم الخشبية .)

مرحلة الخمس سنوات، جسّدت بداخلي قيم وعلم، حررتني من شيء ما كان بداخلي ينام بتمرد وغطرسة!

تبداُ الحكاية بخريجة المرحلة الثانوية التي كلما قابلت أحدهم قال لها: “عقبال ما تنقبلين بجامعة” ، لكني في الواقع لا اهتم بالجامعة ولا لدي أدنى فكرة عمّا يناسبني ولا أعلم ماذا أريد ، ففكرة الجامعة بحد ذاتها كان قرارٌ غير مدروس، والسبب هو تعدد رغباتي وتفرعها، وبين ذا وذاك كنتُ أتخبط يمنة ويسرى ..

للآسف لا أحب اتخاذ القرارات، لطالما كنتُ أسعد حين يحضر لي أحدهم شيء ما أريده دون تفاصيل معينة، وأقفُ بيوم وليلة أمام اختيار مكان أجدني فيه وهو يتناغم معي! “احتاج معجزة أيها العالم !!”

 

* المنعطف أم الاستسلام؟

كوني من مسار علمي، فالخيارات تكون أكثر من غيره، سجلت بتخصص ثم حولت لتخصص ومن ثم عُدت لتخصصي السابق، مجنونة؟ ربما.. لكن وحدها التجربة علمتني الفروق ومن أنا وماذا أريد..

أذكر يوم الثلاثاء،الموافق لآخراختبار في تخصص التصميم الداخلي، ليلتهاجلستُ أبكي بحرقة وكأني أم فُجعت بخبر وفاة ابنها الصغير ،رغم أن القرار كان بيدي .. لكن أحياناً مواجهة القرار أمرٌ يحتم عليك أن تبكي سواء بدموع أو بدونها  ..

ففرتُ من الحياة والأصدقاء .. جلستُ اشحذ الدهشة ممن حولي، تخصصت حاسب : دخلت لأجد العنود بابتسامتها. ومعها تبدأ المساحة الفاصلة لأن نغير ترتيب الخطة الدراسية وأن نتخرج سوياً “وفعلناها“.. 

مشكلة المعظم أنه يرى التخصص مجرد علم وشهادة وانتهى. ويهمل مسيرة الشوط الطويل الذي يبدأ بحفظ المادة العلمية ثم تطبيقها التي بدورها ستصقل شخصيتك وتستحوذ على طاقاتك – لذا؛ اختاروا بعناية -.

 

* أأجدني ؟

مساحتي الخاصة لم اكتشفها بعد، عرفتها بوجود من حولي ولازلت..
قد يُرسل الله لنا رسائل عن طريق صديق …!

صديقتي  بشرى وسارة  ،
الدافع الأكبر لأن أحب تخصصي وأحب وقتي الذي أقضيه الآن وأنا أكتب لكم بسلاسة ..


المساحة التي لازالت بداخلي خبيئة، صديقاتي رؤى وأريج على وجه التحديد،
أحبهما وأحب قوتهما، لطالما كانت أوقات الشدة والجهد مصدراً لأن يخرجا أفضل ما لديهما،
“شكراً للشدة التي تمنح الإنسان فرصة لأن يكون أفضل”

تماضر، عائشة، أسماء، أمل، سارة، آمنة، فاطمة، ملاك، ضحى، هويدا 

رفيقات الثلاثة أشهر، تقاسمنا المقاعد الست، الطاولة الواحدة، والوقت.
لمَ لم أعرفكم قبل تلك المدة؟ أكان لزاماً علي أن استسلم بطريقة إيجابية هذه المرة حين طُلب منّا اختيار مكان التدريب؟ استسلمتُ بذكاء هذه المرة ..

 

الخلاصة: المرحلة الجامعية ستهديك أجمل صفعة فلا تستعجل! ستعلمك كيف تُعطّم بعض المفاهيم بداخلك وسوف تجد نفسك وأنت مليء منك وحدك..

اعرف جيداً ما أهمية القراءة، هويّة اللغة، فضل العلم، بركة الصباح، عظم القرآن، ترتيب الأولويات، حب التصميم والتصوير، شغف المعرفة وتعلم المونتاج، نعمة الأصدقاء، حقيقة السعادة، كيفية القناعة والرضا، والكثير الكثير ..

شكراً لله،

شكراً لأهلي بلا استثناء،

شكراً لكل شخص وقف بجنابي حتى أكون أنا ،

 

أعود للحياة بعد الحياة .. وكل أملي أن تنتهي 2016 وشيء كبير مني قد ظهر!

فاللهم أنفعنا بما علمتنا وأنفع بعلمنا المسلمين،
وبارك اللهم في أعمارنا وأعمالنا وأموالنا وأهلنا 

تمت ‏16‏/05‏/16

أضف تعليق